Explore
Also Available in:

العبودية و”قطرة دم واحدة“

بقلم: Carl Wieland
قام بالترجمة: reasonofhope.com) Jack Kazanjyan)

في الغالب يتم افتراض كون العبودية التي [انتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية في فترة ما قبل الحرب1 أنها كانت مدفوعة بالعنصرية من البيض ضد السود. لكن الحقيقة هي أن خلاف ذلك هو الصواب - إن العبودية هي التي تسببت بتفاقم العنصرية.

Shackle—@iStockphoto.com/craftvision Hands—@iStockphoto.com/narvikk8921-slavery

بدايةً، إنَّ الأدلة تشير إلى أنَّ الناس قد استعبدوا بعضهم البعض - عبر التاريخ، كلما توفرت لديهم الوسائل والفرص [المناسبة]، وذلك بصرف النظر عن ”عرقهم“. جرى أسر الناس من ذوي البشرة السوداء من قِبَل رجال سود البشرة وذلك بقصد بيعهم في أسواق غير أفريقية. لقد تمَّ استعباد أعداد هائلة من ”البيض“ الأوروبيّين من قبل مختلف الأشخاص، كان بينهم من امتلكوا بشرة بيضاء وبينهم من لم يمتلكوها. إن كلمة ”عبد Slave“ ذاتها تأتي من أحد تلك الأجناس ذات البشرة البيضاء والتي كان قد تمَّ استعبادها بشدّة، وهو الجنس السلاڤي. في الواقع، كانت تجارة العبيد البيض مزدهرة وراسخة لدى قراصنة الساحل البربري في شمال أفريقيا، وذلك في بدايات القرن التاسع عشر، وهو الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة إلى إرسال قوات عسكرية لتخوض معركة هناك، وهو الأمر الذي يقف وراء الإلهام الموجود في أحد أشطر نشيد البحرية المشهور ”إلى شواطئ طرابلس“.

في أواخر العام ٢٠٠١، كان لا يزال أمراً قائماً أن يتم احتجاز الأفارقة السود والإتجار بهم كرقيق في السودان.2 للأسف الشديد، كان صمت وسائل الإعلام ذات المواقف ”الصحيحة سياسياً“ بشأن هذه القضية الجارية فضيحةً صمّاء - ربما لأن الجناة كانوا أفارقة آخرين من ذوي البشرة السوداء، أو ربما لأن الكثيرين منهم كانوا من أتباع ”دين السلام“.

ثانياً، يأتي الدور الذي لعبته العبودية في تصعيد العنصرية من مقارنة النتائج الإجتماعية في الولايات المتحدة والبرازيل. في الولايات المتحدة وخلال عصر العبودية، كان يوجد تركيز مُفتَقَدٌ إلى درجة كبيرة في البرازيل: وهو أن جميع البشر، الذين هم من نسل آدم، مخلوقين على صورة الله. وهذا يعني أنهم جميعاً متساوون من الناحية الجوهرية، إنهم عائلة بشرية واحدة، وذلك بصرف النظر عن كل ذلك التنوع والإختلافات الثقافية، وذلك وفق ما جاء في إعلان الإستقلال. لذلك فإنه قد وُجِدَ في الولايات المتحدة ضغوط لتدبير برامج تجعل من المجموعات التي يتم استعبادها أقل إنسانيةً - ولكن هذا الأمر لم يكن موجوداً في البرازيل.

هذا هو أحد الأسباب المهمة التي تجعل من القضايا الإجتماعية التي تتضمن المشكلات العنصرية بين البيض والسود في البرازيل أقل من الولايات المتحدة، وذلك بعد إلغاء العبودية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّه يُفَسِّر سبب ظهور مفاهيم توراتية لا يُمكن أن يتم الدفاع عنها (وهي مفاهيم يُزعَم أنها توراتية) مثل وجود ”أجناس ما قبل آدم“3، و”لعنة حام التي أنتجت البشرة السوداء“.4 و/أو [يُفَسِّرُ] انتشار مثل هذه المفاهيم في الثقافة البيضاء للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ليس في البرازيل.5 في مجتمع يمتلك درجة أعلى من الميول الكتابية، كان لابد من أن يتم تحييد الآثار المناهضة للعنصرية والعبودية لتاريخ البشرية المسجل بشكل مباشر في سفر التكوين. كما هو الحال في يومنا الراهن مع المساومات التي يقدمها التطور الربوبي، لم تكن تلك الأفكار مدفوعة بما أعلنه الكتاب المقدس، إنما بالأفكار الخارجية المنتشرة في المجتمع، والتي جرى في وقت لاحق إلصاقها بالكتاب المقدس [عنوةً].

قطرة دم واحدة: سوداء أو بيضاء؟

يرتبط بهذا الأمر اختلاف ”عرقي“ آخر مثير للإهتمام بخصوص المقارنة بين البرازيل والولايات المتحدة. في العديد من المجتمعات الغربية، يُنظر إلى المرء على أنَّه ”أسود“ (في أستراليا، يُشار إلى السكان الأصليّين) حتى لو أنَّ الأغلبية من الأشخاص المشاركين في سلسلة نسبه هم من ”البيض“. في الحقبة التي انتشرت فيها العبودية في الولايات المتحدة، كانت يتم التعريف عن هذا الأمر تحت مُسمَّى ”قاعدة القطرة الواحدة“. في ذلك الوقت، كان هذا الأمر يعني الدونيّة، وذلك من خلال اعتبار ”دم“ المجموعة ”الدنيا“ كما لو أنَّه ”ملوَّث“.6

كان قد جرى ترسيم هذه القاعدة في قانون ولاية ڤيرجينيا للنزاهة العرقية لعام ١٩٢٤، وهو القانون الذي تمَّ تمريره في ذات اليوم الذي تمَّ فيه وضع قانون الولاية لتحسين النسل وهو القانون المستوحى من التطور والذي ينص على التسبب بالعقم للناس بالقوة. إن تزوج شخص أبيض من شخص لديه ”قطرة واحدة“ من ”دم“ أفريقي (في أصوله)، فإن الزواج يُعدّ جريمة جنائية.

نظراً لعدم وجود الضغوط في البرازيل ليتم إقصاء السود ليكونوا ذوي رتبة أدنى وذلك بقصد تبرير استعبادهم، فليس من المستغرب أنَّ العمل بقاعدة ”القطرة الواحدة“ لا يتم وفق هذه الطريقة على الإطلاق. حقيقة الأمر هي أنه يتم تطبيقها إنما بشكل مخالف تقريباً. وفقاً لخوسيه نينستين، وهو المدير التنفيذي للمعهد الثقافي البرازيلي الأمريكي، فإنَّه بالنسبة للأشخاص في الولايات المتحدة، ”إن لم تكن أبيض تماماً، فأنت أسود“. ولكن في البرازيل التي هي موطنه الأصلي، ”إذا لم تكن أسود تماماً، فأنت أبيض“.7 إن العديد من البرازيليّين الذين يعتبرون أنفسهم بيضاً في أوطانهم الأصلية، يجدون عند الوصول إلى الولايات المتحدة أن الناس يرونهم بطريقة مُخالفة.

إن كل ما سبق يُظهر الطبيعة غير المتسقة والمُحدَّدة ثقافياً للعديد من مفاهيمنا عن العرق ولون البشرة. يا له من أثر ذاك الذي يمكن أن يتسبب به الفهم ”الكامل“ لسفر التكوين سواء كان ذلك بخصوص الأفكار العنصرية أو بخصوص ردود الفعل ”الصائبة سياسياً“ والمبالغ بها. ليس أننا فقط مرتبطون بعضنا ببعض، بل نحن مرتبطين ارتباطاً وثيقاً وبشكل مُدهِش. كلنا ننحدر من آدم وحوّاء - أو إلى ما هو أقرب زمنياً حيث ننحدر من نوح وعائلته. نحن في الحقيقة عائلة بشرية واحدة.

مراجع

  1. الحرب الأهلية. عودة إلى النص.
  2. W. Williams (an African-American economist), Black Slavery is Alive in 2001, Available at www.capitalismmagazine.com, 4 January, 2001, acc. 10 October 2010. عودة إلى النص.‏
  3. كانت الغاية من ذلك هو جعل آدم سلفاً ”للعرق الأبيض“ فقط. وبالتالي فإن هؤلاء الذين يُزعم أنهم قد وُجِدوا قبلَ آدم هم أسلاف المجموعات البشرية الأُخرى، والذين يُمكن أن يتم تصنيفهم على أنهم دون البشر كنتيجة لذلك. إنّ عدم وجودهم في سلالة آدم قد تسبب بعدم أمكانية خلاصهم من خلال يسوع المسيح الذي هو ”قريب الدم“ (اشعياء ٥٩: ٢٠) و ”آدم الأخير“ (كورنثوس الأولى ١٥: ٤٥). عودة إلى النص.
  4. بالطبع يوجد لعنة على حام، ولكن لم يوجد أي ذكر للون البشرة في ارتباط مع السرد المختص باللعنة على كنعان ابن حام. للحصول على تفسير رائع لجوانب إضافية من هذه القضية راجع كتاب المؤلّف: عائلة بشرية واحدة: الكتاب المقدس، العلم، العرق والثقافة. عودة إلى النص.
  5. See also the book by secular researcher Sylvester A. Johnson, The myth of Ham in nineteenth-century American Christianity, Palgrave Macmillan, 2004. عودة إلى النص.‏
  6. في أستراليا المعاصرة، يمكن لقانون ”قطرة واحدة“ أن يمنح الضحية حالةً تسمح له بالوصول إلى مزايا مختلفة حتى عندما يكون لدى الشخص ارتباطاً ضعيفاً من الناحية التاريخية أو الثقافية بأيّ مجموعة من السكان الأصليّين. عودة إلى النص.
  7. Fears, D., People of color who never felt they were black: racial label surprises many Latino immigrants, The Washington Post, p. A01, 26 December 2002. عودة إلى النص.‏

مقالات ذات الصِلة